الرئيسية / نزار ….. درويش …. شعراء الأرض المحتلة … و ما تبقى من مجد البكالوريا .؟؟

نزار ….. درويش …. شعراء الأرض المحتلة … و ما تبقى من مجد البكالوريا .؟؟

حميد بوحبيب

حميد بوحبيب

كان منشوري البارحة حول البكالوريا ، و ختمته بأمنيتي أن يجري الامتحان في ظروف جيذة … و اليوم … اكتشفت كسائر أولياء التلاميذ ، و بقية المتتبعين بأن موضوع الأدب العربي للشعب العلمية قد ارتكب فيه خطأ جسيم … هو كما تعلمون أن واضعي السؤال نسبوا قصيدة معروفة من قصائد نزار قباني [ شعراء الأرض المحتلة ] إلى محمود درويش ؟؟؟

ما دلالة هذا الخطأ ؟ و إلى أي مدى يؤثر على إجابات التلاميذ ؟
اسمحوا لي قبل ان أخوض في التحليل أن أذكر لكم بأني اشتغلت في التعليم الثانوي مدة 12 سنة بين 1988 و 2000 … و أعرف خبايا المهنة و طبيعة التشكيلة البيداغوجية التي تؤطرها .
معظم أساتذة التعليم الثانوي [ في تخصص اللغة العربية] تقليديون في ذوقهم و ميولاتهم الأدبية و الشعرية ، و مفتشوا المادة لا يعرفون الشيء الكثير عن الشعر الحديث و قصيدة النثر و التيارات الأدبية الحديثة … و طيلة سنوات و عقود من الزمن ، كانت حصة الشعر الحديث في البرنامج الوزاري لا تتعدى قصيدتين : الكوليرا لنازك الملائكة ، سأقاوم ، لسميح القاسم ، إلى جانب درس نظري حول شعر التفعيلة … و هي دروس في نهاية السنة ، قلما يصل إليها بعض الأساتذة … و يقيت الأمور على حالها إلى أن تغير المنهاج و أصبح التدريس بالأهداف ، ثم بالكفاءات … و أدخل تعديل طفيف في المضامين ، و مع ذلك لم ينل الشعر الحديث حصته من الاهتمام .. و بقي أفق التلقي لدى الأستاذ و المفتش و التلميذ معا محصورا في الشعر القديم ، و في أحسن الأحوال يصل إلى شعر الرابطة القلمية و المهجر عموما … بينما بقي مفدي زكريا و محمد العيد يتربعان على الشعر الجزائري المبرمج رسميا …

انطلاقا من هذه المعطيات ، أنا لا أستغرب ان يقع واضعو السؤال في الخطأ أو الخلط فيما يتعلق بنسبة القصائد إلى أصحابها … لا أستغرب … لا يعني أنني أعذرهم …لأنه من المفروض أن ثمة لجنة محترمة مشكلة من خيرة مفتشي المادة و أساتذتها ، و أن هذه اللجنة وضعت في أحسن الظروف لإعداد أسئلتها بكل احترافية و دقة و صرامة … و الخطأ على هذا المستوى غير مسموح به ، حتى عندما يزعم البعض أنه مجرد سهو أو خطأ مطبعي .
الأغرب من هذا كله ، هو ان الخطأ يقع في مادة اللغة العربية ، أي في تلك المادة [ اللغة] التي يغار عليها جمهور هائل من المعربين الذين كانوا ينتقدون الوزيرة بن غبريط بأنها لا تتقن حرفا منها ، و أن سيبويه يتقلب في قبره حين تتكلم بها ؟؟ فكيف يخطئ حماة اللغة العربية في ميدان من المفروض أنه مقدس بالنسبة إليهم ؟؟؟
أقول هذا استباقا للرد على من يرمي التهمة على الوزيرة شخصيا … لأقول أن الوزيرة ليست هي واضعة الأسئلة لا في العربية و لا في غيرها من المواد … و إن كان هذا طبعا لا يعفيها من المسؤولية الرمزية باعتبارها المسؤولة الأولى على القطاع .
الشق الثاني : هل هذا الخطأ يؤثر على إجابات التلاميذ ؟
الجواب الموضوعي : على المستوى الديداكتيكي البحت لا … لأن الأسئلة المطروحة تتعلق بالنص و ليس بصاحبه ، و كان يمكن أن يجيب أي تلميذ دون أن يعرف هل القصيدة لنزار أو لغيره …؟؟
و لكن … [ لكن هنا مهمة جدا] … السؤال الرابع من أسئلة البناء الفكري يقول حرفيا :
ـ اعتراف الشاعر بتقصيره ظاهر في النص ، وضحه مبينا رأيك فيه.
التلميذ الذي يقرأ في بداية السؤال بأن القصيدة هي لمحمود درويش ، سيجد نفسه حائرا :
ـ من جهة هو يعرف بأن محمود درويش هو شاعر المقاومة ، و أنه لم يقصّر في شيء إزاء قضية شعبه … و من جهة ثانية السؤال و النص معا يقولان بأن ثمة تقصير [ و هو تقصير منسوب إلى الشعراء العرب خارج الأرض المحتلة الذين لم يكتووا بنار النكسة ] ….
بالإضافة إلى هذا الارتباك الدلالي ، سيشعر التلاميذ حتما ، بعد خروجهم من الامتحان ، و اطلاعهم على وجود خطأ في الموضوع ، بأن القائمين على البكالوريا مستهترون نوعا ما ، و أنهم لم يولوا الأهمية الكافية للبكالوريا التي كلفوا بإعدادها ، و هذا من شأنه أن يهز معنوياتهم في ما تبقى من المشوار .
العبرة : مازلنا إلى اليوم في القوة الإقليمية عاجزين عن وضع أسئلة دقيقة في أكبر امتحان ، دخله أكثر من 850 ألف مترشح … [ بعض الدول عدد سكانها أقل من هذا العدد] …
هل هي كارثة استثنائية ؟؟؟ كلا … متعويــــــــدة ، دايــــمن ( على حد قول عادل إمام)
في انتظار غودو … ستكتشفون كل يوم خطا في الجمهورية ,,, بما فيها عجلات الكرسي المتحرك …..؟؟؟

و بالتالي فإن…