الرئيسية / اكاديميا /  في سبيل نمذجة سوسيو-روائية/ أو نحن، اليوم، هنا

 في سبيل نمذجة سوسيو-روائية/ أو نحن، اليوم، هنا

د.فيصل الأحمر

 

 

 

 

 

يتكون مجتمع الرواية الواقعية من النماذج التالية: 

 الأطفال :

وهم الأحدث سنا، يتم تدجينهم بشكل مكثف وغريب ومتناقض ينتج جموعا معتوهة من المؤمنين بضرورة بناء مسيرة التطور وتحديات العصرنة والتفوق العلمي للجزائر، وفي الوقت نفسه ضرورة الطاعة التامة للوالدين والأخ الأكبر والشرطي والدركي والمجاهدين العتيقين والكبار في السن والأجانب والأعمام والأخوال والمعلمين واصدقاء الإخوة الكبار…وكل شيء تقريبا في المحيط عدا القطط والكلاب والطيور (يمكن للطفل ربط علاقات بشرية متينة معهم باستعمال أمتن مكونات الطبيعة: الحجارة).

 الأطفال تتعرف عليهم ببساطة:

الوسخ، الجري الفوضوي في الخارج، القسوة على المستضعفين بينهم ممن لا اخ لهم ومن البنات واليتامى أو الذين ابوهم يعمل بعيدا عن المنزل، والسير في جموع كبيرة للاحتماء في ما يشبه القطيع.

 الشباب:

مؤشرهم الاساسي اتباع الموضة، هم اشبه افراد المجتمع بصور التلفزيون: قصات الشعر الغريبة، الألبسة الحديثة المستحدثة، العطالة التامة عن العمل، عدم تناسب أجزاء الجسم الطول/ العرض/الوزن…وفوضوية حركات الأطراف؛ وخاصة الأذرع والأيدي…

 الشباب: تتعرف عليهم ببساطة ؛

فهم كثيرون وصاخبون وهم يتحدثون جماعيا أو بعضهم مع بعض، واذا حدثتهم مباشرة وجدت أطنانا من التلعثم والخجل يحتاج مدربا كي ينزعه.

المدربون الذين يدرسون التنمية البشرية:

علماء أقوياء جدا رغم حداثة سنهم مختصون في علم مفبرك يسمح لك بالشعور بالرضا عن النفس دون كبير اجتهاد.

 الخائفون من العين والحسد والمس ..

جمهور مرفوع عنه القلم (أي أنهم غير مسؤولين عن أي شيء لأن الجان أو الآخر الشرير هو المسؤول عوضا عنهم).

 العاطلون عن العمل…يمكنهم انتظار الفرج…والفرج من عند الله..إذا جاءهم أي عمل يتكبرون عليه لأن مدخوله محدود (كمدخول أي عمل جديد دون أقدمية ولا خبرة في أي مكان من العالم )…وهؤلاء يسهرون الليل مع الفيسبوك ويقضون النهار في التسكع ويصلون العصر أو المغرب لضمان صك الغفران الاجتماعي

 غير المتزوجين/غير المتزوجات،

الذكور يمنعهم العجز المادي والاناث فاتهن قطار الزواج لأي سبب كان؛ والغالب أن يعلن أن سعيد/ تعيس الحظ لم يطرق الباب …والغالب أن الاسباب اخرى…وإذا عرف السبب تضاعف العجب.

 سيدات المجتمع:

يعملن معلمات أو إداريات، أمهات وزوجات تجار، يتحكمن في المال العائلي بقبضة حديدية تهدف إلى خلق توازن بين الأعضاء…وهن المسؤولات عن التربية، يدخل في باب التربية المحافظة على الشرف الظاهري للبنت والتغاضي على حماقة الابن مهما كبر حجمها.

 سيدات المجتمع:

وهن فئة غريبة عجيبة متكاثرة صعب حصرها: تجدهن من اكثر الناس إعلانا للتدين ولكنهن يلبسن لباسا في غاية التناقض مع ما يعلنّه من مبادئ، حينما يذهبن إلى الأعراس، وذلك تحت غطاء كون الأعراس غير مختلطة؛ للنساء فقط…والواقع أن كل الرجال ذوي الصلة بالعرس، وحتى من لا صلة له بالأمر سيرون تلك العروض المثيرة على هواتف وكاميرات المدعوات. وغالبا ما تكون تلك العروض الوثنية تمهيدات للزواج المتدين (في الظاهر طبعا) أو لعلاقات تتراوح بين الزرادشتية والمزدكية، تراقبها من بعيد سيدات المجتمع.
 سيدات المجتمع هن اللواتي يقمن بنقل رسالة الإسلام التي يتلقينها عبر القنوات التعيسة التي تعج بالأحادث والقصص “ذات العبر” والتي لا تسمع فيها القرآن أبدا. ففي عرف سيدات المجتمع الحديث الشريف والبخاري وشميسو وبلحمر أهم بكثير من كلام الله الذي هو أصلا صعب فهمه.

 سيدة المجتمع تتعرف عليها بيسر كبير:

تنادى “ماما” أو “طاطا”، سمينة، تعيسة، تتظاهر دائما بطيبة غير مقنعة، تتكلم كثيرا بلا فائدة، نظرتها حادة جدا، تشكو من كل شيء، تشرب كميات مهولة من الأدوية، تطلب من كل الباعة تخفيض الأسعار، تزور بائع الأعشاب بانتظام، تتبع لافتات “التخفيضات” حيثما تثقفتها، شحيحة، أنانية، سليطة اللسان مع زوجها لوجه الله، وعسلية الكلام مع أهلها، عاطفتها نصفان نصف لأولادها؛ وخاصة الفاشلين في الدراسة والحياة، والنصف الآخر لعائلتها لأصلية؛ وخاصة الأخ الصغير الفاشل الكسول عاثر الحظ مع العمل والنساء..

 المواطنون الصالحون:

هؤلاء هم الفئة التي لا تصلح لكتابة الرواية أبدا…وهذا هو السبب الذي يجعل ابطال الروايات هن دائما نساء عندنا. أو تجد البطل هو الكاتب نفسه، والكتاب الأنجح منا (ولا أستثني نفسي ابداااااااااااااااااااا) هم الأكثر قدرة على اختراق عالم سيدات المجتمع…

 المواطن الصالح:

متدين، مستقيم، مصل دائما، إذا كان غير مصل في شبابه يصبح مصليا بعد الزواج بسبب الزيارات العائلية التي تحدث يوم الجمعة والتي تطرح حرجا كبيرا على المواطن: ماذا يفعل الشاب الثوري المشاغب الرافض المجنون عندما يذهب الآخرون لأداء صلاة الجمعة؟…بسرعة تظهر علامة توبة نيزكية لا أحد يعلم من أين أتت…

 المواطن الصالح:

هو الذي يأتي بالكسب الحلال (ولو ظاهريا) ليضعه بين يدي سيدة المجتمع التي ستحرص على الإنفاق المستقيم: تجهيز البنات لكي يخرجن من البيت خروجا مشرفا يشهده جمع غفير من الجارات والقريبات المؤمنات اللواتي عليهن نسيان حديث النبي (ص): لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ…يومها على الرسول أن يتوقف قليلا عن أحاديثه.

 المواطن الصالح:

تتعرف عليه ببساطة؛ رث الملابس، تعيس المعشر، لا روح فكاهة له، دائما يسالك كيف حالك مس مرات في الدقائق الخمس التي لا تستطيع أن تقضي معه أكثر منها، متفرج شرس على القنوات الوطنية وعلى قنوات الرياضة الخليجية… يشكو الغلاء، ينتظر الراتب، يتحدث عن العلاج الطبيعي غير المكلف لأي مرض وهمي او عضوي، يصلح السيارة او يغيرها بمثلها أو بخير منها، يعرف الميكانيكا مثلما تعرف زوجته “رئيسة قسمي المحاسبة والتدين في البيت” كل أصناف لباس الأعراس المكشوف الذي يضمن أن تزوج البنتين أو ثلاثة اللواتي لم “يحضر” مكتوبهن بعد…

 المواطن الصالح:

غائب دائما عن العمل التطوعي، زرع الأشجار، المسرح، السنما، كل ما هو مرتبط بالموسيقى، الرحلات السياحية المنظمة، جمع المال لصالح عام، إعانة حبيب أو جار أو قريب ألمت به حادثة، مد يد العون لأهله ( الأهل هم أهل سيدة المجتمع)، جلسات الاستماع على الموسيقى، حملات تنظيف الحي من القاذورات…

 المواطن الصالح:

حاضر دائما في عمله إذا كان المدير أو “المعلم” جادا صارما، سوق بيع الكباش، سوق السيارات، السوق الاسبوعية، الاعراس، محلات الميكانيكيين، محلات البقالة، المقااااااااااااااااااااااهي، امام دار البلدية لمعرفة من حصل على سكن، قبالة جريدة الشروق أو النهار، صلاة التراويح، السيارات التي يصطدم بعضها ببعض لجمع معلومات حول المنكوبين…