الرئيسية / الرئيسية / وجهان من بلادي خديجة بن قنة وحفيظ دراجي

وجهان من بلادي خديجة بن قنة وحفيظ دراجي

الدكتور عاشور فني

 

 

 

 

 

كلية الإلاعم والاتصال- الجزائر

سجلت مواقع التواصل الاجتماعي نجاحا معتبرا لهذين الإعلاميين الجزائريين: خديجة بن قنة وحفيظ دراجي. هما جزائريان مولدا وتكوينا ومممارية مهنية. وقد قرأت تنويها بهما وبالجامعة الجزائرية التي تخرجا منها وبالإعلام الجزائري الذي بدآ فيه خطواتهما الأولى. ذلك هو سبب اختياري الحديث عنها هذا المساء. فالإعلاميون الناجحون كثيرون ووسائل الإعلام المؤثرة أيضا. لكن المقام يقتضي تخصيص الحديث عنهما باعتبارهما رمزين للأجيال الجديدة من الإعلاميين الجزائريين. وقد قابلت كثيرا من الطلبة والطالبات يعتقدون أن هذين الصحافيين قد تخرجا من جامعات اجنبية. واريد أن اقول لهؤلاء ا أن جامعتكم امجبت هؤلاء وآخرين مثلهم وإن لم تتح لهم-أو لم يريدوا استغلال-فرص النجومية. وأن هذين الإعلاميين الكبيرين يمثلان نموذجا لطلبتنا الممتازين المتميزين لكنمها عملا بجد واجتهدا وكللت جهودهما بالنجاح بعد جهد جهيد. فلا أحد يولد وملعقة ذهب في فمه.

الإعلامي حفيظ دراجي

كانا في نفس المدرج في أول دفعة كان من حظي أن أشرفت على تدريسها  المواد الاقتصادية (الاقتصاد الكلي ثم الاقتصاد الاشتراكي والاقتصاد الجزائري ثم اقتصاد الإعلام ). خديجة كانت مجتهدة وكانت تجري تربصات متعددة منها تربصا في الإذاعة. تكاد لا تلاحظها في المدرج فلم تكن تلفت الانتباه لكنها حين تطلب الكلمة تأسر الحضور بوجاهتها وعذوبتها. كان حفيظ مثلا للشاب المهذب والنشيط. لكنه في معظم الأحيان كان يدخل المدرج بالبذلة الرياضية وحقيبة التدريبات على كتفه. اخترا الإعلام الرياضي عن استعداد وكفاءة  واهتمام حقيقي. تخرجا بتفوق. عندما ناقشت خديجة مذكرة تحرجها صعد إلى المنصة أحد زملائها (الطاهر بلعيدوني -مراسل التلفزيون الجزائري من وهران) حاملا باقة ورد وارتجل كلمة جعل المسكينة تقعد على الكرسي من التأثر. أذكر من تلك الكلمة (خديجة فخر دفعتنا خلقا وخلقا).  حفيظ كان له باع في التحليل والمتابعة ومناقشة الأوضاع السياسية في الجزائر وفي العالم آنذاك. عالم نهاية الثمانينيات وما أدراك !! لم تكن الرياضة هروبا أو غيبوبة بل اختيارا واعيا وعن دراية وعلى استعداد. مسار كلمنهما يثبت أن للنجاح قواعد ومن يحترمها يصل ويستحق الاحترام.

 بدآ خطواتهما الأولى في بداية عد التعددية الإعلامية في الجزائر ثم انتقلا إلى الإعلام العربي. بقية القصة تابعها الملاحظون والمعجبون من كل الأوطان وكل الفئات الاجتماعية. اليوم يحققان نجاحا معتبرا هو نجاح للجامعة الجزائري وللإعلام الجزائري ويمثلان جيلا طموحا تجاوز الحدود والعراقيل واثبت نفسه محليا وعربيا وعانق النجومية على مستوى العالم. صفحاتهما على مواقع التواصل الاجتماعي تحقق أرقاما قياسية كما يليق بنجوم عالمية.

أمثالهما كثيرون ولو أتيحت لهما نفس الفرص لكانا في مستواهما من حيث النجومية. كان الالتحاق بمعهد الإعلام يتطلب النجاح في مسابقة. والمسابقة بدورها تشترط الحصول على 12 من عشرين في الفلسفة وفي اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية. فخوض مجال الإعلام يقتضي امتلاك الرغبة أولا ثم امتلاك المؤهلات الفكرية والتعليمية والممارسة المبكرة للنشاط الإعلامي وأذكر من دفعتهما ومن دفعات قبلهما وبعدهما كثيرين في مواقع مختلفة في الإعلام والمؤسسات الرسمية الوطنية والدولية. وكم يبهجني أن أرى بعضهم يقدم الآن دورات تدريبية لنقل خبرته للأجيال الجديدة.

ربما كان لقناة الجزيرة –الإخبارية والرياضية – دور في ذيوع اسميهما وصورتهيما. لكنهما يستحقان ذلك وأكثر. ومهما كان الموقف من القنوات الإعلامية فالصحافي  مستقل وله حريته وموقفه وشخصيته. وقد واكبا التطور واستغلا المواقع الاجتماعية للتواصل مع المشاهدين وزيادة شعبيتهما وللقيام بنوع من التسويق الإعلامي الناجح. وقد لاحظنا لدى حفيظ اهتماما أكثر بالشأن الجزائري من زميلته خديجة التي يبدو أنها ملتزمة أكثر بالخط التحريري للقناة التي تشتغل بها. فحفيظ يعلق على لاشان الجزائري باللغتين العربية والفرنسية باستمرار ويبدي رأيه بكل شجاعة. وخديجة تتابع الشؤون التي تثيرها القناة التي تشتغل بها وربما يعود الفضل في نجاح القناة جماهيريا إلى شخصيتها الهادئة والمؤثرة. ويسجل اهتمام المعجبين بكل صغيرة وكبيرة من شؤون خديجة. حجابها أثار ضجة على المستوى العربي. ولباسها وكلماتها البسيطة تلقى مئات الآلاف من المتابعات. خديجة وحفيظ أصبحا ظاهرة إعلامية” وينبغي أخذهما بهذا المعنى.

 ولكنهما – كشخصين- حاضران باستمرار في بلدهما الجزائر وقد التقيت بهما أكثر من مرة في أنشطة إعلامية وثقافية بالجزائر  فهما على صلة دائمة بوطنهما. أتمنى لهما مزيدا من التألق ولأمثالهما وهم كثر -تحقيق من النجاح الذي يرغبون فيه.

وأدعو الطلبة والطالبات في كلية الإعلام والاتصال بالجزائر وفي كل أقسام الصحافة والاتصال عبر الجامعات الجزائرية إلى التمثّل بهما في تحقيق أهدافهم العليا بالجدية والمثابرة والتواضع والاستئناس بمن سبقهم وبالانتباه لما يدور في عالمهم والاستعانة بمحيطهم المباشر في الجامعة وفي المؤسسات الإعلامية وإثبات جدارتهم بالعمل الدؤوب وإتقان أبجديات المهنة والسعي لامتلاك الكفاءة ومواكبة التطور ومتابعة المستجدات. تلك هي أبجديات النجاح في كل بلاد العالم.

تحيتي الخالصة لخديجة وحفيظ  ومن خلالهما إلى الأجيال الجديدة من الإعلاميين المتميزين والناجحين جدا ولو لم يحققوا نفس الدرجة من النجومية وهم أكثر من أن يحصوا. ومنهم إعلاميون نابغون ومديرو مؤسسات ورؤساء أقسام ومؤطرون ومشرفون على العمل الإعلامي وفي ميادين متعددة ومتشعبة أخرى يعملون في مجالات الاتصال والحملات الإعلامية ويشرفون على إستراتيجيات الاتصال لمؤسسات كبرى وطنية ودولية.

لكم جميعا تحيتي وتقديري وبكم اعتزازي. وبعض الطلبة يتركون في أساتذتهم اثرا أبلغ من الأثر الذي يتركه الأساتذة في طلبتهم.