الرئيسية / الرئيسية / قصة قصيدة غْرُودْ عَالْيَهْ زفرة من القبر

قصة قصيدة غْرُودْ عَالْيَهْ زفرة من القبر

عاشور فني

في منطقة وادي سوف حكايات كثيرة عن الشعر والشعراء. لأن للشعر دورا مؤثرا في حياة الناس. وبعش القصادئ لها قصص مؤثرة. ومنها هذه القصيدة التي قالتها امراة في مقتبل العمر وهي في قبرها. وقد تعددت الروايات فمن الروايات أن المراة ماتت وتركت ولدا ( غرد مثيل الحاشي في النص) ودفنت بين كثبان رمل عالية(غرود عالية) وترج قبرها مهجورا. وفي رواية أخرى أنها دفنت حية وظلت تقاوم بالشعر حتى أوصلت قصيدتها هذه التي خلدتها. وبعض الروايات تقول أنها تزوجت وغاب عنها زوجها طويلا بحثا عن الرزق ثم عاد وقد جاءها المخاض فماتت في نفاسها. ومنهم من يقول أنهما لم يتزوجا بعد ولكنها حملت منه قبل الزواج فدفعا ثمن ذلك غاليا في مجتمع لا يرحم. وتعددت الرويات لكن الثابت هو أن النص جميل جدا وقصته رائعة. وتقول القصة أن الفتاة كانت جميلة جدا تنافس عليها كل شباب المنطقة وأرادوا الزواج منها لكنها اختارت ابن عمها. كان فقيرا. فتزوجا ولم يقيما عرسا لزواجهما بسبب الفقر. كان حبهما أجمل هدية لهما في حياتهما. لكن الفقر لم يحل بينهما وبين الأحلام. وعد الشاب فتاته أن يقيم لها عرساً كبيراً حين يقدر على ذلك. وأن يحضر لها فستانا لم تلبسه فتاة في الصحراء من قبل.
كان على الشاب أن يجد عملا. لكن المنطقة تكاد تخلو من أي شغل. فكر في السفر إلى بلاد بعيدة بحثا عن العمل. سافر الشاب تاركا عروسه بين أهلها تنتظر عودته. طال غيابه واشتد شوق زوجته إليه. بل بدات الشكوك تنتابها. مرت الأيام والشهور ولم يظهر عليه أي خبر. لم تكن الشابة لتتحمل بعده أكثر. ظهرت عليها علامات الحمل واشتد عليها الأمر فصارت طريحة الفراش. أحيانا تنتابها حمى شديدة فتهذي باسم الغائب. ظلت على هذه الحال شهوراً.
وقفت القبيلة كلها وقفة رجل واحد وأخذوا يبحثون عن ابنهم لاغايب لكن دون جدوى. طال الغياب ومر الزمن…
انتقل الشاب من بلاد إلى بلاد بحثا عن فرصة للعمل. كان وعده بالعرس وبفستان لعروسه حافزا قويا على الصبر والمزيد من البحث. أخيرا وجد فرصة للعمل في مدينة بعيدة. كان يعمل ليل نهار كيلا تطول غيبته غافلا عما حدث لعروسه. بعد تسعة شهور قرر العودة وصل إلى اهله في ليلة من الليالي دون سابق إنذار. رحب به أهله أحر ترحيب.
في الثناء كانت عروسه في المخاض ونساء القبيلة يساعدنها على الولادة. ظل ينتظر إلى أن سمع صراخاً وعويلاً. ماتت زوجته دون أن تراه . دون ان يراها. ماتت و تركت له مولوداً ذكراً.
تم دفن الفتاة في مرتفع رملي( سيف ابيض في النص). لم يشتروا كفنا لها بل كفنوها بفستان العرس الذي أحضره الزوج كما وعد. دفنوها بين كثبان الرمال العالية (غرود عالية) وهجروها ولم يعد يزورها أحد. ظل قبرها وحيداً وسط الصحراء.
كان احد الرعاة خبيرا بالآثار يمر بمواشيه على تلك المنطقة وربما أقام فيها زمنا. فكانت يأتيه صوتها كل ليلة وينشده أبياتا من شعرها بصوت شجي. حفظ الراعي تلك الأبيات وصار يستأنس بها في وحدته. شاعت أبياته حتى وصلت إلى اهالي المنطقة فحفظوها. وغناها كثيرون منهم الفنان المولع بالتراث السوفي عبد الله المناعي.

غْرُودْ عَالْيَةْ

غْرُودْ عَالْيَهْ، وَالْمُوتْ فِيهَا جَاتْـنِي
مَا صُبْتْ نَاسِي وْلاَ عْرَبْ زَارَتْـنِي

أَجْلِي تَمَّتْ
نِي سَرْتْ للهْ وْلَخْلِيقَهْ تْلَمَّتْ
لَرْضْ الصّْحِيحَهْ كِيفْ عَنِّي صَمَّتْ
جِيتْ ثَايْرَهْ كَانْ لَخْشَبْ نَطْحَتْـنِي

لاَ نَيَّسْهَا
وْلاَ هِيَّ مْنَامَهْ سَاهْلَهْ نْخَرَّسْهَا
كْذَبْ مَنْ قَالْ كَسَّوْتَهْ نَلْبَسْهَا
يْخُشْـنِي الْجَهْلْ وَنْقُولْ لاَ لَزْمَتْـنِي

كَسَّوْتَهْ شَارِيهَا
مْنَ السُّوقْ دَافَعْ فْـلُوسَهْ فِيهَا
حَضَّرْ مَلْكْ طَوَّلْ ذْرَاعْتَهْ فِيهَا
جَاتْ وَافْيَهْ مْلَيْحَهْ سَتْرَتْـنِي

طُرْتْ قْبَالَهْ
وْنِي نَفْحَتِي طَارَتْ مْنَ الرَّجَالَهْ
سَقْطَتْ دَمْعَهْ عَلَى الْخَدْ هَمَّالَهْ
وَالسَّابْقَهْ فَالْخِيلْ مَا رَدَّتْـنِي

قَلْبِي حَايَرْ
وْلاَ مَنْ حْدَايَا نْحَدْثَهْ بَغْمَايَرْ
جَاتْ مِيتْتِي كَانْ بِينْ زُوجْ سْدَايَرْ
لاَ مْشِيتْ وْلاَ لَمْدِينَهْ جَاتْـنِي

يَا الِّي مَاشِي
سَلَّمْ عَلِّى غَرَّدْ مْثِيلْ الْحَاشِي
فِي ظَنْتِي مَازَالْ مَا وَفَّاشِي
عْلَيَّ غَرَّدْ وَالرْجَلْ مَا مَشَتْـنِي

يَا غَلِيَّا
شَدْ الرْصَنْ وَالرَّاحْلَهْ هَيْرِيَهْ
اَعْقُبْ عَنْ قَبْرِي دِيرَهْ اثْنِيَهْ
نِي السِّيفْ لَبْيَضْ تُرْبْتِي لاَحَتْـنِي

غْرُودْ عَالْيَهْ، وَالْمُوتْ فِيهَا جَاتْـنِي