الرئيسية / صناعة الإعلام اليوم

صناعة الإعلام اليوم

 محاضرة بالجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية بالمكتبة الوطنية  جويلية 2014

ملخص مكثف للمحاضرة التي بادرت بتنظيمها الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية بالمكتبة الوطنية

بداية ينبغي التفرقة بين الإعلام والاتصال لفهم تطور العلاقة في خضم التحولات الجارية حاليا. فقد انتقلت وسائل الإعلام من أداء وظيفة إعلامية إلى الميل إلى لقيام بوظيفة اتصالية. ويبين ذلك تحولات هيكلية في صناعة الإعلام على مدة قرن من الزمن.

1)-تحولات صناعة الإعلام على المستوى العالمي بوصفها تفاعلا بين صناعات اساسية (الإلكترونية والاتصالات والإعلام الآلي) جعل منها صناعة ثقيلة بامتياز تتطلب رساميل ضخمة واستراتيجيات طويلة المدى.

2)تحولات التنظيم من شكل الصحيفة الحرفي البسيط إلى المؤسسات الإعلامية ومجموعات الاتصال العالمية في نطاق عولمة الشبكات الإعلامية الكبرى.

3)تحولات السوق من شكلها التنفسي البسيط إلى شكلها المزدوج بين سوق الجمهور وسوق المعلنين من جهة وسوق المنافسة الاحتكارية بين قطبين: أقطاب إعلامية (المجموعات الصحفية والشبكات والقنوات) وأقطاب الاتصال(مجموعات المعلنين).

كل هذه التحولات أفضت إلى نتائج خطيرة على الممارسة الإعلامية اليوم:

أ-سيطرة مجموعات الاتصال(المعلنين) على صناعة الإعلام منذ منتصف القرت العشرين وتحول مركز الثقل إلى شبكات الاتصالات منذ نهاية التسعينيات حيث ابتعلت شبكات الاتصال مجموعات الإعلام مما يؤكد  نزعة استحواذ ملاك شبكات الاتصالات على صناعة المحتوى

ب- تحول الجمهور من استهلاك وسائل الإعلام المعروفة (صحافة إذاعة تلفزيون) إلى استعمال وسائل وتكنولوجيات الاتصال (الحاسوب-الهاتف الذكي -واللوح الإلكتروني) للوصول إلى المعلومات وانتهى زمن سيطرة  المرسل على المتلقي وتاثير القناة على الجمهور. بدلا من سؤال(ما أثر وسائل الإعلام على الجمهور؟) يطرح السؤال (ما يفعل الجمهور بوسائل الإعلام؟).

جـ-هيمنة الاتصال على الإعلام وتحول وظيفة وسائل الإعلام  من السعي لنقل الوقائع وشرحها إلى العمل على إنتاج الرضى بالواقع أو إلى السعي لإحداث التغيير عن طريق الإقناع أو الإغراء والتحريض. فتحولت إلى إلى جزء من مشكلة الواقع وعنصر في تأزماته.

في الجزائر ما يزال الإعلام حقلا ملحقا بالسياسة ولم يظهر كنشاط اجتماعي مستقل إلا في فترة وجيزة لكن سرعان ما عاد إلى الوضع الذي يجعله خضعا للمستوى السياسي بالمعنى الضيق.

تعمل القوانين على تحديد المبادئ الكبرى للنشاط لكن المؤسسات تخضع لميدان التنظيم مما يجعلها تحت الضغط المباشر للسلطة التنفيذية: فالقانون يمنع إنشاء القنوات لكن الغدارة تنمح ترخيصا للقنوات باعتبارها قنوات أجنبية يمكن وقفها لأي سبب.

ومع ذلك فقد أصبح الاتصال هو هدف نشاط وسائل الإعلام للحصول على عائدات الإشهار. فالتفكير في المورد الإشهار يسبق التفكير في الجمهور الذي تتوجه إليه أية وسيلة إعلامية يتم إنشاؤها. ويرابط ذلك الإنشاء بالمواعيد السياسية تماما كإنشاء الأحزاب والجمعيات. لقد تم إخضاع الإعلام للاتصال دون أن يسمح له بالتحول إلى المرحلة الصناعية. تلك هي أزمة الإعلام الراهنة.