الرئيسية / اكاديميا / جلال حيدر..ميلاد “فرعون” جديد؟!

جلال حيدر..ميلاد “فرعون” جديد؟!

احميدة عياشي

 

 

 

 

 

جلال حيدر من الأسماء الابداعية الجديدة التي اختارت قرع باب الرواية بنجاح وذكاء وتميز، ففي روايته الأولى (المذياع العاق) يختار طريقا غير مسبوق في مقاربة المكان والذاكرة المحلية والوطنية وذلك من خلال التنويع على هامش السيرة الذاتية المنطوية على السيرة الجماعية، يتناول جلال ذاكرة القرية عبر سرد خام، هو أقرب إلى السذاجة الجميلة التي تخفي تمكنا من اللغة والأسلوب وقدرة لافتة في استثمار اللغة الشاوية وتوشيجها في لحم اللغة الساردة وهي العربية، لم تكن الكلمات والعبارات والحوار الموظف في (المذياع العاق) مجرد زوائد بل شكلت متنا موازيا ومضيئا لزاوية اللغة الأخرى التي أحتلت االمساحة الكبرى من المتن،، ويذكرني جلال حيدر في تناوله الحدث في حضن المحلي بتجربة مولود فرعون في رواياته الأساسية مثل (نجل الفقير) و(الأرض والدم) و(الدروب الوعرة) التي لاقت وقتها سوء فهم من قبل النقاد الوطنيين الارثذوكسيين مثل مصطفى لشرف والساحلي الذين أخذوا على مولود فرعون نزعته الثقافوية الانتروبولوحية وعلى مولود معمري محليته “المتطرفة”.

ان حيدر فتح طريقا في توظيف اللغة الشاوية بذكاء وجمالية منح لنصه الروائي نكهته وتميزه، وبلغت الرواية من حيث الرؤية الطبيعية والتسجيلية العفوية ذروتها في الفصول الأولى في تناوله للعلاقة مع أفراد العائلة الصغيرة، لكنها ما ان سعت الى تعرية البشاعة التي عرفتها التسعينيات حتى خفت تلك الذروة لو تخلصت من التناول المباشر التقريري حتى وان اكتسى ذلك طابع الحوار لكانت الرواية تحفة جمالية تذكرنا بأدب مولود فرعون، لكن هذا الانخفاض لم ينقص من قيمة العمل الجميل والمتميز الذي قدمه حيدر في عمله الابداعي الذي سيفتح أمامه طريقه الخاص الذي سيجعل من تجربته الابداعية في (المذياع العاق) لحظة ميلاد حقيقي لروائي واعد ننتظر منه الكثير كون عمله جاء حاملا في أحشائه بذور النجاح.. ان القراء الذين سيقتنون (المذياع العاق) في صالون الكتاب المزمع انعقاده في نهاية اكتوبر سوف لن يخيب ظنهم في هذه الرواية التي تستحق أن تقرأ.