الرئيسية / الرئيسية / الطريقة الكركرية رفع الالتباس عن الطريقة التي فاجأت الناس

الطريقة الكركرية رفع الالتباس عن الطريقة التي فاجأت الناس

فوجئ الناس بظهور مريدي الطريقة الكركرية على الملأ وبظهور فيديوهات على اليوتوب تظهر بعض طقوس هذه الطريقة بألوانها الزاهية وحركاتها المتميزة وبسلوكها المختلف. لقد تعود الناس على الشيوخ السلفيين المتجهمين الذي ينظرون شزرا الى العالم وإلى الناس ولا يقبلون الا لونين : الابيض أو الأسود. فلا غرابة أن يتعجب الناس من كثرة الألوان.

الطريقة الكركرية ترى الله جمالا مطلقا ولذلك ترى الجمال في كل شيء. تعمل الطريقة على تجسيد محتوى الحديث الشهير: اعبد الله كأنك تراه. فالرؤية عندهم أساس العبادة ومن هنا تلك الأوان التي تلفت النظر وتعكس جمال النفس. يخطئ كثيرا من ينظر إليها وإلى روادها ومريديها  من زاوية الوهابية الضيقة التي ضيقت الدين وخربت العقل وطمست النظر.

وهذه بعض اقوالهم  واولها تعريفهم لطريقتهم.

الطريقة الكركرية هي طريقة تربوية تهدف إلى إيصال العباد إلى تحقيق مقام الإحسان حتى يتمكنوا من الجمع بين العبادة والشهود ( أن تعبد الله كأنك تراه ) البخاري وبين السلوك والمعرفة حتى تكون حياتهم كلها لله رب العالمين…لذلك تدعوا أتباعها إلى الإلتزام بالكتاب والسنة في كل أحوالهم لأننا نؤمن أن وراء كل فعل من أفعال الشريعة المطهرة سر ملكوتي وقبضة نورانية تجمع العبد على مولاه وتنسيه كل ما سواه”. 

ومن اساليبها التربوية السياحة في الأرض والتدبر في معاني الكون وتحمل المشاق والصعاب.

وفضلا عن ذلك فالطريقة الكركرية أقرب إلينا وإلى ثقافتنا المغاربية من تلك المذاهب المتزمة القادمة من فراغات صحراوية ترفض الحياة وتنكر على الناس تعلقهم بها وتتغنى بجمال الحور العين في الآخرة. وهي تنتسب إلى الطريقة الدرقاوية ذات التقاليد العريقة في المغرب العربي كله.

واليكم بعض التعاريف من مصادر الطريقة نفسها.

الطريقة الكركرية فرع من الطريقة الدرقاوية وهي قديمة سابقة على الطريقة الوهابية -وسلليلتها الباديسية والاخوانية وغيرهما -التي تريد أن تستحوذ على المجال الديني وحدها زاعمة أنها وحدها الدين الصحيح وغيرها ضلال. كل هذا الاختلاف هو ما بمثابة الإسلام التاريخي الحقيقي الذي ترفضه السلفية الدينية والسلفيات الثقافية على اختلافها.
وهي على أية حال أجمل من السواد والبياض الذي فرضته السلفيات الدينية والثقافية على اختلافها. هي فرصة لرؤية العالم من خلال ألوان متعددة والتخلي قليلا عن التزمت الثقافي الذي جعل من الدين سجنا للعقل والخيال والذوق.  

شيخها الحالي هو محمد فوزي الكركري من مواليد 1974 بالمغرب وهذه بعض أقواله:

  •  الصلاة :« الصلاة هي فيض الشهود الإطلاقي المعبر عنه بالقوس الغيبي المنزه عن المراتب العددية والأحكام الزمنية على جميع مراتب الشبح المشبه التقييدي بحيث يستهلك كل ذرة منه في حضرة فيتلاشى الكل بظهور الكل فيبقى قابُ من ليس كمثله شيء منزّه عن القوسين في حضرة نَامُوسِ الوحدانية من ما وراء سدرة منتهى الرسالة وسدرة مبتدى الولاية في حقيقة السلام علينا و على عباد الله الصالحين. »
  • الخلوة :« هي لزوم قبر الحياة للتجرد من الحس والسفر إلى عالم المعنى بزاد الإسم مع الإنقطاع الكلي للدخول إلى القلب ومجالسة الرب حتى ينكشف الغطاء ويتحدد البصر من معدن القدم
  • ويقول « لازم أرض العبودية المحضة التي لارائحة للربوبية فيها على أحد من الخلق ، لازم أرض الذلة والتواضع والسكينة وطن قلبك على الرحمة والتواضع لجميع خلق الله.
     
  • الورد: قال محمد فوزي الكركري: هو سَرَيَانٌ نوراني ممتد من قلب الشيخ إلى قلب المريد يَشُدُّهُ به إلى حضرة من حضرات المعنى ، فهو الحبل الممسك لدلو روحانية المريد حتى يُسْقَى من زلال بئر الشيخ و هو النسيم الآتي من جهة اليمن الحامل لنفس الرحمن، وهو تَنَزُّلُ ماء الحياة من مُزْنِ السماوات الروحية للشيخ على الأراضي الجسمية للمريد.

و الورد وِدٌّ ، والوِدُّ طبقة من طبقات القلب السبعين ألف بعدد الحجب التي بين الحق والخلق .

  • الحضرة: قال محمد فوزي الكركري: رمز القلب الشُّعَيْبي الجامع للمظاهر الكونية والحقائق الإنسانية على بساط الشهود والقرب وكشف رداء الصون بتجلي أنوار القدم.
  • السبحة: قال محمد فوزي الكركري: هوية اسم الذات ، وسر جمع الأسماء ومظهر سريان الحق ، وإشارة تنزيه المعبود عن نقائص الحدث الإمكاني و علل تشبيه العقل الإنساني.
  • الإسم الأعظم: قال محمد فوزي الكركري: مظهر المسمى ورَتْقُ الأسماء وأصلها وأُسُّ المعاني وسرها ، فهو الذي يتحقق به اللفظ من غير مفارقة المسمى، و هو لا عينه ولا غيره، وإنما الدليل والطريق في مرتبة الوجود على الذات.
  • السر: قال محمد فوزي الكركري: لطيفة الرحمة الإلهية البِكْر، المنزهة عن افتضاضات الهِمَم العبودية المودعة في باطن لب حبة القلب، المثمرة لمعاينة نسمة الأحدية السارية بمظهر التعين الأول الذاتي.
  • المرقعة: قال محمد فوزي الكركري: مظهر التَّسَتر بالجمال الذاتي الباطن في فرق الأسماء، المتجلي بألوان حضرة القوس العلوي، وإعلان مبايعة النفس للروح للدخول والترقي في مراتبها.

وهذا تعريف الطريقة و بعض المصطلحات من مصادر الطريقة ذاتها.

الطريقة الكركرية 

طريقة حية لسريان النور المحمدي فيها وذلك عبر  سلسلة ذهبية تربط الخلف بالسلف…فهي طريقة يتصل سندها بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مرورا بالإمام الشاذلي قدس الله سره…والسند المتصل من خصائص هذه الأمة المرحومة  يقول عَبْد الله بن المبارك رضي الله عنه : (الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ).. وعلامة صحة الإسناد في السلوك إلى رب العالمين وجود النور المحمدي فيه…فالسند النوراني متصل كل من دخل في كنفه حلت عليه بركات العناية والقرب ورؤية عليه بشارات أهل الإجتباء  والسند الذي ينعدم فيه النور يكون منقطعا فيصلح للتبرك دون التحقق
وتمتاز الطريقة الكركرية بعدة مميزات منها
أنها تمتاز بملازمة السنة في الأقوال والأفعال والأحوال
سهولة الفتح أو سرعته، فالمريد في هذه الطريقة يفتح الله عليه في أقرب مدة وأسرع وقت بفضل الله تعالى ، حسب ما إستقرأناه من أحوال فقرائها
أنها طريقة بدايتها التلاشي في نور الحبيب والحصول على توحيد الجمع ونهايتها وإن كانت لا نهاية الوصول إلى اسم الله الأعظم المكنون
أنها طريقة تمزج بين الجذب والسلوك، وبين الفناء والبقاء، فتلميذها فان باق في نفس الوقت
أنها طريقة مبنية على التيسير حيث تعلمك شهود المنة عليك، مع ملاحظة التقصير في كل أحوالك
أن الترقي فيها لا نهاية له، لأنه ترقي في مراتب الاسم الجامع
أنها طريقة تجمع جميع مدارس التصوف ومشاربه، فتجد فيها تصوف الفقيه، وتصوف العابد، وتصوف المنطقي والحكيم والطبيعي، كل واحد يجد فيها مشربه الذي يلائمه
أنها طريقة المشاهدة يقول شيخها سيدي محمد فوزي الكركري رضي الله عنه :  من لم يشاهد لست بشيخه ولا هو تلميذي
ومن الاهداف الكبرى التي تضعها الطريقة امام عينيها وتبتغي تحقيقها هو الوصول إلى الله تعالى و التحقق من معرفته المعرفة القلبية على بساط الشهود والمشاهدة، كما تهدف إلى نشر المحبة والسلام بين الخلق، فهي دعوة تصالح مع الخالق والمخلوق و بين الذات والغير…و تهدف إلى تخليص المريد من قيود الهوى والنفس، حتى يكون حرا مما سوى الله تعالى…ولكي يصل إلى مبتغاه عليه أن يتحقق بالقاعدة الكبرى في الطريقة وهي : إستحقر نفسك وعظم غيرك…فمن نظر إلى نفسه بعين النقص وإلى غيره بعين الكمال قلت عيوبه وكثرت حسناته وعظم نوره.

بعض مصطلحات الطريقة الكركرية

أولا -الذات

ثانيا -الهوية

ثالثا-الجمال

رابعا-الفصل والوصل

أولا الذات

في اللغة: ذات الشيء: نفسه
الذات: حقيقة الموجود ومقوماته ، يقابلها العَرَضْ . المعجم العربي الأساسي  ص 477 
في اصطلاح الطريقة الكركرية
مُسَمَّى عين الكل القائم بنفسه غير المُدْرَك بوجه من الوجوه ، الذي لا يوصف بعدم أو وجود ، فهي غيب الغيب وهي الكنز المخفي، وعلة ظهور سائر التَكَثُّرَات الأسمائية و الصفاتية و النعتية، المستندة عليها في قيامها المعدوم
“إن ذات الله سبحانه وتعالى غيب الأحدية التي كل العبارات واقعة عليها من وجه غير مستوفية لمعناها من وجوه كثيرة ، فهي لا تدرك بمفهوم عبارة ولا تفهم بمعلوم إشارة ، لأن الشيء إنما يفهم بما يناسبه فيطابقه أو بما ينافيه فيضادده ، وليس لذاته في الوجود مناسب ولا مطابق ، ولا مناف ، ولا مضاد. “الشيخ عبد الكريم الجيلي  الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل  ج 1 ص 13 
فالفهم والإدراك يكون إما بالمناسبة أو بالتضاد والذات العلية لا وجود لما يناسبها أو يضادها ، فتحصل من ذلك أمرين هما
 أولها: العجز عن الإدراك هو عين الإدراك
وقيل في المعنى
العَجْزُ عَنْ دَرَكِ الإِدْرَاكِ إدْرَاكُ     وَالبَحْثُ عَنْ سرِّ ذات السرِّ إشْرَاكُ
وفي سَرائرِ هِمَّات الورى هِمَمٌ     عن دركها عجزت جـنٌّ وأمـلاك
وثانيها: أن لا موجود بحق إلا الله ، قال الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه لأبي الحسن رضي الله عنه
” يا أبا الحسن حدد بصر الإيمان تجد الله في كل شيء وعند كل شيء ومع كل شيء وقبل كل شيء وبعد كل شيء وفوق كل شيء وتحت كل شيء وقريباً من كل شيء ومحيطاً بكل شيء، بقرب هو وصفه، وبحيطة هي نعته وعد عن الظرفية والحدود وعن الأماكن والجهات، وعن الصحبة والقرب بالمسافات وعن الدور بالمخلوقات وأمحق الكل بوصفه الأول والآخر والظاهر والباطن وهو هو هو كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان
قال الجيلي قدس الله سره
لا  العين تبصر لا الحد  يحصره       لا الوصف يحضره من ذا ينادمه
كلت  عبارته  ضاعت  إشارته       هدت عمارته قلب يصادمــه
عال و لا فلك روح و لا ملك       ملك له ملك عزة محارمـــه
عـين و لا بصر علم و لا خبر       فعل و  لا أثر غـابت  مـعالمه
ذات  مجردة  نعت مفــردة       آي  مسردة  يقراه راقمـــه
محض الوجود له والنفي يشمله       يدري ويجهله من  قام   نائمـه
إن قلت تعرفه فلست تـنصفه       أو قلت تنكره  فأنت  عالمــه
سري هويته  روحي  أنيتــه       قلبي  منصته  و الجسم خادمـه
إني لأعقله  مع ذاك أجــهله       من  ذا  يحاصله  صدت  غنائمه..
ضدان قد جمعا فيه و ما  امتنعا       عين إذا نبعا  هاجت  ملاطمـه

ثانيا-الهوية

 

هاء الهوية
في اصطلاح الطريقة الكركرية
الهُوِيَّة الحقية الظاهرة  بمطلق الوجود والإحاطة الشمولية للشيئية 

فبعد حذف اللامين والألف تبقى هاء بواو مضمرة خطا إشارة إلى وحدانية الحق 
قال تعالى :لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدً
قال تعالى :لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
قال تعالى :هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ 
قال تعالى :هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
قال تعالى :هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
قال تعالى :قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
هو إشارة إلى الأولية و الآخرية فالهاء من حروف أقصى الحلق والواو شفوي كما أن ذكر الهو يُبقي الفم مفتوحا إشارة إلى الأزلية و الهو أول الأسماء كما جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا ، مِائَةً إِلا وَاحِدًا ، إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ . هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ ، الرَّحِيمُ ، الْمَلِكُ ، الْقُدُّوسُ ، السَّلامُ ، الْمُؤْمِنُ ، الْمُهَيْمِنُ ، الْعَزِيزُ ، الْجَبَّارُ ، الْمُتَكَبِّرُ ، الْخَالِقُ ، الْبَارِئُ ، الْمُصَوِّرُ ، الْغَفَّارُ ، الْقَهَّارُ ، الْوَهَّابُ ، الرَّزَّاقُ ، الْفَتَّاحُ ، الْعَلِيمُ ، الْقَابِضُ ، الْبَاسِطُ ، الْخَافِضُ ، الرَّافِعُ ، الْمُعِزُّ ، الْمُذِلُّ ، السَّمِيعُ ، الْبَصِيرُ ، الْحَكَمُ ، الْعَدْلُ ، اللَّطِيفُ ، الْخَبِيرُ ، الْحَلِيمُ ، الْعَظِيمُ ، الْغَفُورُ ، الشَّكُورُ ، الْعَلِيُّ  الْكَبِيرُ ، الْحَفِيظُ ، الْمُقِيتُ ، الْحَسِيبُ ، الْجَلِيلُ ، الْكَرِيمُ ، الرَّقِيبُ ، الْوَاسِعُ ، الْحَكِيمُ ، الْوَدُودُ ، الْمَجِيدُ ، الْمُجِيبُ ، الْبَاعِثُ ، الشَّهِيدُ ، الْحَقُّ ، الْوَكِيلُ ، الْقَوِيُّ ، الْمَتِينُ ، الْوَلِيُّ ، الْحَمِيدُ ، الْمُحْصِي ، الْمُبْدِئُ ، الْمُعِيدُ ، الْمُحْيِي ، الْمُمِيتُ ، الْحَيُّ ، الْقَيُّومُ ، الْوَاجِدُ ، الْمَاجِدُ ، الْوَاحِدُ ، الأَحَدُ ، الصَّمَدُ ، الْقَادِرُ ، الْمُقْتَدِرُ ، الْمُقَدِّمُ ، الْمُؤَخِّرُ ، الأَوَّلُ ، الآخِرُ ، الظَّاهِرُ ، الْبَاطِنُ ، الْمُتَعَالِ ، الْبَرُّ ، التَّوَّابُ ، الْمُنْتَقِمُ ، الْعَفُوُّ ، الرَّءُوفُ ، مَالِكُ الْمُلْكِ ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ، الْمُقْسِطُ ، الْمَانِعُ ، الْغَنِيُّ ، الْمُغْنِي ، الْجَامِعُ ، الضَّارُّ ، النَّافِعُ ، النُّورُ ، الْهَادِي ، الْبَدِيعُ ، الْبَاقِي ، الْوَارِثُ ، الرَّشِيدُ،الصَّبُور” صحيح ابن حبان كِتَابُ الرَّقَائِقِ  بَابُ الأَذْكَارِ ِ رقم الحديث: 815 
وقيل أن هذه الآية جمعت العلم وهي قوله تعالى:هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
و قد ابتدأت هذه الآية بهو وختمت بهو إشارة إلى انطواء العلم في الهوية
“وروي أن أبا القاسم الجنيد رحمه الله تعالى قال لبعض خواص أصحابه: إن اسم الله الأعظم هو ( هو ) لأن الله تعالى أظهره أولاً في اسمه (الله ) وأخفاه آخراً في ( هاء ) اسمه ( الله ) فهو ( هو ) فمن شدة ظهوره استتر وخفي حتى لم يعرف. ومن كثرة ذكره ظهر ونُسي ولم يوصف.”القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد ص 56 
كما ذكر ابن عطاء الله في كتاب القصد المجرد أن آية الكرسي كانت سيدة آي القرآن لما اشتملت عليه من الهاءات المضمرة العائدة على الذات و هي أحد عشر هاءا مضمرة كما أنها اختصت بستر اسم الذات فيها، وفي مضمرات هاءاتها
“وروي أن أبا بكر الشبلي رحمه الله تعالى قال: لقيت جارية حبشية مولهة وهي تجيء وتسرع في مسيرها. فقلت لها يا أَمَةَ الله رفقاً عليك والطفي بنفسك. فقالت ( هو هو ) فقلت لها من أين أقبلت فقالت من (هو) فقلت لها وأين تريدين فقالت إلى ( هو ) فقلت ما تريدين من ( هو ) قالت ( هو ) فقلت لها ما اسمك قالت ( هو ) فقلت لها لهاكم ذكر ( هو ) قالت لا يفتر لساني عن ذكر ( هو ) حتى ألقى ( هو ) ثم قالت
وَ حُرْمَةِ الْوُدِّ مَالِي عَنْكُمُ  عَوَضُ      وَلَيْسَ لِي فِي سِوَاكُمْ بَعْدَكُمْ غَرَضُ
         وَمِنْ جُنُونِي بِكُمْ قَالُوا بِهَا مَرَضٌ      فَقُلْتُ لاَ زَالَ عَنِّي ذَلِـكَ الْمرَضُ
قال الشبلي فقلت لها يا أمة الله ما تعنين بقولك ( هو ) الله تريدين. قال فلما سمعت بذكر الله شهقت شهقة فاضت منها نفسها. رحمة الله عليها
قال فأردت أن آخذ في تجهيزها ودفنها فنوديت يا شبلي، من هام بحبنا وتاه في طلبنا وتوله بذكرنا ومات باسمنا اتركه لنا فديته علينا قال الشبلي فالتفت أنظر من المتكلم فسترت عني وحجبت عنها فلم أدر أرفعت أم دفنت عفا الله عنها.”القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد ص 62 
“وقيل إن الموحدين أربعة أصناف
الصنف الأول: قالوا ( لا إله إلاّ الله ) بين النفي والإثبات، نفي الأوهام عن الأفهام وإثبات الواحد عن الضد والند
الصنف الثاني: قالوا ( الله ) اقتصروا على ذكر الاسم المفرد من غير نفي وإثبات، ورأوا
أن الإثبات بعد النفي وحشة وجفاء
الصنف الثالث: قالوا ( هو هو ) حق بحق إثبات الإثبات، وهو الذكر الدائم الخفي عن اللسان. وهو ذكر القلب
الصنف الرابع: خرسوا فلم ينطقوا. وفنوا به عنهم، وغابوا على ذكر التوحيد بمشاهدة المذكور الواحد. فكان ذكر توحيدهم عياناً لا لساناً.”القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد ص 58

 

 

ثالثا- الجمال

الجمال في اللغة
الجَمَال: صفة تلحظ في الأشياء وتبعث في النفوس سروراً أوإحساساً بالانتظام والتناغم، وهو أحد المفاهيم الثلاثة التي تنسب إليها أحكام القيم: الجمال والحق والخير
في اصطلاح الطريقة الكركرية
هو تجلي حسن الذات بمظهر الأسماء و الصفات، و إشراق نور المحبوب على عين قلب العبد حتى لا يرى في الوجود إلا جمال الحق فلا يرى و لا يسمع ولا يتحرك و لا يسكن إلا به، فعند ذلك يرتفع حكم القبح باعتبار النسبة قال تعالى :قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ، فإذا تلاشت النفس في حضرة الحق لبس الكون حلل نور الجمال الإلهي فعند ذلك يتبين أن القبح ما هو إلا حكم اعتباري، وأن القبيح في عين هذا هو نفسه قمة الحسن في عين ذاك ، فعند ذلك يبقى الكل من الله 
الجمال هو مظهر الرحمة والرأفة، و بفضل هذه الرحمة سرى الجمال الإلهي الذي هو سبب خلق الخلق و هو جوهر الجمال وعين الكمال
والجمال ينقسم إلى قسمين 
جمال مطلق
وهو جمال الله المتمثل بكماله وسره الخفي الذي يبحث عنه كل طالب للعشق الإلهي من حيث الحقيقة لأنه بفضل هذا الجمال صار الإنسان خليفة الله في أرضه فهو مخلوق على صورة الجمال الرحمانية وفي الحديث الشريف روى البخاري عن أبي هريرة 
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”  خلق الله آدم على صورته ، طوله ستون ذراعا ، فلما خلقه  قال : اذهب ، فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس ، فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا 
السلام عليك ورحمة الله ، فزادوه ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن.”صحيح البخاري  كِتَاب الِاسْتِئْذَانِ  بَاب بَدْءِ السَّلَامِ رقم الحديث: 5788 
فالجمال الكامل في الإنسان الكامل لأنه جمال علم الأسماء وهو جمال صفة الحق الأزلية شاهده الحق في ذاته مشاهدة نورانية فأظهر فيها الإنسان الكامل كمرآة شاهد من خلالها جماله
فالعالم كله تعبير عن جمال الحسن المطلق بصفة الإجمال ، و في الحقيقة القبيح منه مليح والمليح منه مليح ، إذن فالكل مليح لأنه مجلى الجمال الإلهي 
فمن كان هذه نظرته، مع تأمل وتفكر في جمال الكون وصل إلى المُكَوِّن لأنه مظهر الحق، فعند ذلك ينقلب القبيح حسنا، فعشق جمال الشيء يوصل إلى خالق الشيء
الجمال المقيد
 هو جمال الشيء لتقيد آنيته ، فإذا زال الشيء زال حبه ، وإذا تغير الشيء تغير مقدار حبه ، لأن الشيئية ظل زائل أما الجمال الإطلاقي الباطني فثابت غير متغير و إنما يشتد ظهوره مع صفاء مرآة القلوب فينعكس جمال الإله فيه ، وبرؤية الجمال
الحقيقي يهيم العاشق الهيام الحقيقي في الجمال الحق
و هنا تختلف مراتب الهيام على حسب انجلاء و صفاء مرآة القلب، فهناك من ينظر جمال الحق قبل جمال الشيء، وهناك من ينظر جمال الشيء ثم جمال الحق، وهناك من ينظر جمال الحق و الشيء في آن واحد، و هناك من ينظر جمال الحق فقط و هو خيرهم و لا ذنب على من قبله
قال سيدي ابن عطاء الله:”الحقُّ ليسَ بمحجوبٍ، وإنَّما المحجوبُ أنْتَ عن النَّظرِ، إذ لو حَجَبَهُ شيءٌ لسَتَرَه ما حَجَبَهُ، ولو كان له ساترٌ لكانَ لوجودِهِ حاصرٌ، وكلُّ حاصرِ لشيء فهو لَهُ قاهِر
فما حجبك عن رؤية جماله إلا وهمك فغب عنك تجده أقرب إليك من نفسك، قد تجلى ظاهرا بنوره.

رابعا-الفصل والوصل

الفصل و الوصل
سر المعرفة برزخ بين الشيء و ظله بين النفي و الإثبات بين الحضور والغيبة بين نعم و لا، و الإنسان قد جمع مظهر الضدين لذلك كان مجلى الفصل والوصل ، وقد قال تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ فأحسن
التقويم هو الوصل الخالص، وأسفل السافلين هو الفصل الخالص ، فالفصل إذن هو مظهر السُّفْلِ والوصل هو مظهر العلو، وهما مستلزمان لبعضهما والعلاقة بينهما جدلية، فلا وصل إلا بعد الفصل ولا فصل إذا لم يكن هناك وصل و قد نفخ الحق في الإنسان من روحه ثم ابتلاه بالنفس وجعل لكل منهما جندا و عُدَّةً و عتادا، و في الحكم “النور جند القلب كما أن الظلمة جند النفس فإذا أراد الله أن ينصر عبده أمده بجنود الأنوار و قطع عنه مدد الظلم و الأغيار
قال تعالى :اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
فالنور سر الوصل و مظهر الولاية التي يتولى بها الحق عبده ، أما الظلمة فهي مقام الفصل الطاغوتي وجنده ، قال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ” تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا ، فأي قلب أشربها نكت
فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا ، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا ، لا يعرف معروفا ، ولا ينكر منكرا ، إلا ما أشرب من هواه
صحيح مسلم  كِتَاب الإِيمَانِ  بَاب بَيَانِ أَنَّ الإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ. رقم الحديث: 211
فكل نكتة نورانية تثمر وصلا ولائيا بالحق فإذا تواصلت من غير انقطاع أثمرت قلبا صفيا نورانيا حقيا، فكما استوى اسم الرحمن على العرش استوى اسم الجلالة الله على قلب المؤمن
و كل نكتة فَصْلِيَّة تثمر فصلا و بُعْداً فإذا تواصلت أثمرت زقوما و شجرة خبيثة طلعها كأنه رؤوس الشياطين
وإشارة لذلك قال تعالى :فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ
قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَأوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ
وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ
و قبل شرح الآية أضع بين يديك قاعدة شُدَّ عليها بالنواجذ، فإذا طبقتها ونسختها على نفسك أثمرت لك الفهم في كتاب الله عز وجل والغوص في معانيه واستنشاق دقائق أسراره
و القاعدة هي: “لا تخرج من قبرك”، أي لازم جسدك فقد انطوى فيك كل الكون ومعانيه ونسخت فيك كل الأسماء و أسرارها، فأنت مظهر الضدين وبرزخ البحرين وسيد الدارين، فلا تحسب نفسك جرما صغيرا فقد انطوى فيك العالم الأكبر
قلنا 
فلما فصل طالوت الروح بجنوده ابتلاهم الحق بنهر الشهوات الفصلي السفلي فقالت الروح لجنودها (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني) أي ليس من عالم الروح والكشف ( ومن لم يطعمه فإنه مني) أي من عالمي فله أنواري وتجلياتي (إلا من اغترف غرفة بيده) على قدر ما تسمح به الحكمة وسنة التدرج
(فشربوا منه) أي أعوان النفس ومن كتب عليه الفصل للمناسبة القوية بينهم وبينه فعَيْنُ النهر الطبيعة الجسمانية ، (إلا قليلا منهم) وهم العقل والقلب ومن تبعهم من الحواس فتجاوزوا وادي الطاغوت وظلماته فنفخت فيهم الروح عين اليقين فقالوا
( كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) فلما برزوا لجالوت العدو وهو النفس الأمارة بالسوء وجنوده ( قالوا ربنا ) أفرغ علينا صبر العارفين وثبت أقدامنا في ديوان الصالحين (فهزموهم بإذن الله) فقتل داود العقل
حس شهوة جالوت النفس وملك زمام أمرها ، فتملك أرضه الجسمانية بسر السماء الروحاني وملك القلب جنود الأطراف والحواس فعلم  حقيقة ذاته بذاته.

موقع الطريقة الكركرية