الرئيسية / اكاديميا / البحث العلمي بين سلطة اللجان العلمية وصلاحيات لجان الدكتوراه: تعارض العلمي والبيروقراطي

البحث العلمي بين سلطة اللجان العلمية وصلاحيات لجان الدكتوراه: تعارض العلمي والبيروقراطي

أ. د. ربيعة برباق

جامعة العربي التبسي

هكذا يلوى عنق المنهج لأسباب أو لأخرى ليبدوَ ملائما للمدونة التي يتم اختيارها دون دراية أو دراسة معمقة لخصائصها النصية وكذا سياقات الإنتاج والتلقي.
لعل أكثر هذه الأسباب تعود إلى طريقة اختيار موضوعات البحث والتصرف الآني الذي تقوم به بعض اللجان العلمية بدعوى تعديلها، في لحظة اجتماع مستعجل، وأحكام مسبقة وآراء مبنية على إطلاع غير كاف، جعل ضرورة تشكيل لجان التكوين في الدكتوراه تضطلع بمهمة وضع تصور مسبق لمشروع أوسع وهو مشروع الدكتوراه، الذي يفتح من طرف لجنة مختصة، تدرس أهدافه واستراتيجيات تحقيقها، وضمن هذا المشروع الأوسع يفترص أن تفتح مشاريع صغرى جزئية وذات صلة تكملها بعضها لتحقيق أهدافه. تتجلى هذه المشاريع الصغرى في البحوث التي ينجزها الطلبة الناجحون في مسابقة امتحان الدكتوراه لهذا التخصص.
وتسهر اللجنة على تحديد المشاريع الصغرى وضبط عناوينها وتحديد مناهجها ومدوناتها أو مجالاتها وميادينها التطبيقبة، وهم مجموعة متخصصة من أساتذة خبراء يحددهم القانون من ذوي الإختصاص والرتب العالية، ويفترض أن تأخذ وقتها الكافي ليكون تصورها دقيقا، ومشاريعها ذات أهداف واضحة. وتستكمل الدراسة على مستوى اللجان العلمية للجامعات ثم اللجان الجهوية فاللجنة الوطنية المكلفة بدراسة هذه المشاريع والمصادقة على ما وافق منها الشروط والمعايير العلمية للبحث العلمي وحاجة الجامعة والمجتمع إليها.
ويفترض أن مصادقة اللجنة الوزارية بناء على تقارير اللجان السابقة على هذه المشاريع هي مصادقة ضمنية وآلية على موضوعات البحث التي تحتويها وعلى لجانها المشرفة عليها والمسؤولة عنها.
لذلك أطرح سؤالا محيرا في بلدي:
لماذا تغير موضوعات البحث على مستوى اللجان العلمية للقسم والكلية عشرات المرات. بعد أن صادقت مسبقا على المشروع الذي يحويها. وبعد أن حددتها لجنة التكوين وصادقت عليها اللجان الجهوية والوطنية ثم وافقت الوزارة عليها. بمقرر رسمي؟؟؟؟؟؟؟؟
ما هو الدور القانوني المنوط بهذه اللجان لتغيير هذه الموضوعات بعد أن استحدثت الوزارة لجنة مختصة مخولة بذلك؟ تسمى بلجنة التكوين في الدكتوراه والتي لا يتم تمرير أي موضوع للتسجيل أو للمناقشة إلا بعد اجتماعها ودراستها للأمر واستصدارها بمحضر رسمي تبنى عليه اللجان العلمية أمر المصادقة؟
ثم ما هي حدود صلاحياتها في التدخل فيما أقرته لجنة الدكتوراه، مع العلم أن اللجان العلمية تشكل بالانتخاب ولا علاقة للأمر بالتخصص والرتب العلمية. مما يسمح لبعضهم التدخل في موضوع خارج تخصصه وموضوع أقره لجنة أعلى منه رتبة وأكثر منه خبرة. بدعوى أن الأمر من صلاحيات اللجنة العلمية.
كذلك الأمر بالنسبة لتحديد لجان المناقشة العلمية هذا الأمر الذي يفترض أن لجنة التكوين في مشروع الدكتوراه أدرى بالموضوع وتفاصيله وأعلم بمن هو جدير بمناقشته وتقويمه وتقييمه.
لكن للأسف الشديد ما نراه في الواقع لا يعكس هذا التصور إذا يعاني الباحث تضارب الآراء وتغير الأحكام على موضوع بحثه من بداية اقتراحه من طرف المشرف ولجنة التكوين إلى غاية تحديد لجنة مناقشته. بل والأدهى من ذلك أن يصدم الطالب بمناقشات لا ترقى إلى إبراز قيمة بحثه ولا حتى إلى إبراز نقائصه الجوهرية التي هو بحاجة إلى استكمالها. بسبب تداخل الصلاحيات او بتعبير أدق عدم احترام الصلاحيات. في أمر يشبه عقدة ممارسة السلطة على الآخر. عقدة البحث عن الذات الفاعلة بمفهومه السلبي الذي يدخل الجامعة في صراعات مجانية. يمكن تفاديها بكل بساطة بمعرفة كل هيئة لصلاحياتها واحترامها لصلاحيات الآخرين. في ظل السعي المشترك لخدمة الجامعة وتيسير سبل ترقيتها التي لا تتحقق إلا بترقية البحث العلمي.